(قواعد غرفة التجارة الدولية للتحكيم في نسختهم المعمول بها في الاول من يناير ٢٠٠٢).
في عام ٢٠١١، عدل اصلاح للقانون الفرنسي عدة جوانب للتحكيم الدولي وطرق طلب إلغاءقرارات التحكيم في القانون الداخلي.
وقد دخلت فعليا حيز التنفيذ في مايو ٢٠١١ (قرار ٢٠١١-٤٨ بتاريخ ١٣ يناير ٢٠١٣).
هذا الإصلاح يلي إصلاحات سابقة تامة في ١٤ مايو ١٩٨٠ و١٢ مايو ١٩٨١ التي حدثت المادة بأحكام ملاءمة للتحكيم و
لكن تركت بعض المصاعب العمليةقائمة، هذه المصاعب هي التي حاولت نصوص٢٠١٣ حلها.
المشرع بواسطة هذا الإصلاح، اختار تصنيف أحكام القرار المتعلقة بالتحكيم الداخلي الدولي في ذات الكتاب الرابع المعنون “التحكيم” في قانون الاجراءات المدنية CPC)) المخصص كليا للتحكيم (مادة ١٤٤٢حتي مادة١٥٢٦).
في إطار هذه الأحكام، اثارت قضية لمؤسسة AM (ميامي) ضد مؤسسة VA (دبي) الاهتمام حيث تم فيها اتخاذ قرارين تمهيديين من قاضي الإجراءات التمهيدية وصدور حكم من محكمة استئناف باريس بتاريخ ١٩ مارس ٢٠١٥ و٧ مايو ٢٠١٥ و١٠ يناير ٢٠١٧.
يتعلق السؤال القانوني بقبول طلب إلغاء قرارالتحكيم الدولي صادر من غرفة التجارة الدولية(ICC)في ضوء الأحكام الصادرة من إصلاح٢٠١١.
وجدير بالذكر، ان الإمكانية الوحيدة المقبولة قانونا في التحكيم الدولي، حسب المواد ١٥١٨ و١٥١٩، هي طلب الالغاء أمام محكمة الاستئناف التي صدر القرار في دائرتها.
اخذ المشرع الفرنسي، في اصلاح ٢٠١١ بمبدأ طلب الإلغاء كطريقة وحيدة للطعن في قرار التحكيم المنصوص عليه في المادة ٣٤ لقانون الاونسيترال النموذجي للتحكيم الدولي التجاري.
تنص مادة ١٥١٨ من قانون الاجراءات المدنية بالطريقة الاتية “الحكم الصادر في فرنسا في شأن التحكيم الدولي لا يمكن الطعن فيه سوي بطلب الإلغاء”.
يطبق هذا المبدأ على قرارات التحكيم الصادرة في الخارج.
وبالإضافة إلى ذلك، المادة ١٥٢٦ من قانون الإجراءات المدنية الواردة في القسم الثالث المسماة “القواعد المشتركة الصادرة في فرنسا وفي الخارج ” تنص على “طلب إلغاء قرار التحكيم واستئناف أمر إنفاذ ليس لديهما أثر موقف”.
تنظم المادة ١٥٢٠ من قانون الإجراءات المدنية الخمس حالات التي يمكن من خلالها طلب الإلغاء:
“لا يسمح بطلب الإلغاء سوي في الحالات الاتية:
١-إعلان هيئة التحكيم بشكل خاطئ اختصاصها أو عدم اختصاصها،
٢- تشكيل هيئة التحكيم بطريقة غير قانونية، أو
٣-البت دون التزام هيئة التحكيم بالمهمة التي أسندت إليها، أو
٤-عدم احترام مبدأ مواجهة الخصومة، أو
٥-تنافي احترام أو تنفيذ الحكم مع النظام العام.
ولقد حدد المشرع طرق الالغاء.
يقتصر طلب الإلغاء لمدة شهرمن تاريخ الإخطار بقرار التحكيم (المادة ١٥١٩ من قانون الاجراءات المدنية) “ترفع دعوي طلب الالغاء أمام محكمة الاستئناف التي أصدر في دائرتها قرار التحكيم. يقبل هذا الطلب فور صدور قرار التحكيم. ولا يعد كذلك إذا لم يتم طلب الالغاء خلال شهر الا خطار “.
ومن ثم، يجب علي طالب الإلغاء احترام هذه المدة حتى لا يسقط حقه.
الإجراءات والوقائع المتسببة في أحكام محكمة استئناف باريس:
تنتج هذه الأحكام عن علاقة تجارية بين شركتين، واحدة امريكية والأخرى إماراتية.
الاولي متخصصة في بيع واصلاح معدات الطائرات والأخرى تدير طائرات كبيرة الحجم.
في فبراير ٢٠١١، قامت الشركة الامريكية ببيع ثلاثة محركات نفاثة توربينية للشركة الاماراتية.
في ١٥ فبراير ٢٠١١ تم إيصال الثلاثة محركات واستلمتهم الشركة الاماراتية في أبو ظبي يوم ١٦ فبراير ٢٠١١.
عقب نزاع تجاري بين الطرفين، لجأت الشركة الاماراتية لإجراءات التحكيم الدولي المنصوص عليها في عقد البيع امام غرفة التجارة الدولية في ٣١ يناير ٢٠١٢.
في ٢٣ أغسطس ٢٠١٢، قامت الغرفة التجارية الدولية باختيار محكم واحد سويسري الجنسية وباريس مقراً للتحكيم.
قامت الاطراف بتقديم المذكرات وتبادل المستندات وقامتا بحضور جلستين في ٢١ و٢٢ مايو ٢٠١٣.
استناداً للمعلومات الجديدة والأدلة في هذه المذكرات، سمح المحكم للأطراف بتقديم مذكرات إضافية.
تم تحديد المداولة ليوم ٢٦ ابريل ٢٠١٣ ولكن المحكمة مدت المهلة حتى يوم ٣١ يوليو ٢٠١٣.
وقامت المحكمة بمد المدة عدة مرات اخري بناءً على طلب المحكم.
في ٦ مايو ٢٠١٤، أصدرت هيئة التحكيم قرار تحكيم يلزم الطرف الاماراتي بدفع مبلغ قدره ٧٢٤٠٠٠ دولار امريكي للطرف الاخر.
رافضة تنفيذ الحكم الصادر ضدها، قامت الشركة الاماراتية في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤ برفع دعوي الغاء قرار التحكيم امام محكمة استئناف باريس.
اذن هذه الدعوي تم رفعها بعد ٥ شهور من تاريخ إعلامها بقرار التحكيم من قِبل غرفة التجارة الدولية عن طريق بريد دولي في ١٢ مايو ٢٠١٤.
في تعليقاتها الختامية في ١٣ ابريل ٢٠١٥، قامت الشركة الاماراتية بإسناد طلبها بإلغاء قرار التحكيم الصادر ضدها إلى المادة ١٥٢٠ من قانون الاجراءات المدنية مدعيةً:
- أن القرار الصادر يخالف النظام العام لأنه تم إصداره بعد انقضاء المدة القانونية المحددة،
- وأن هيئة التحكيم بتت في المسألة دون ان تلتزم بالمهمة التي أسندت إليها،
- وأن الهيئة لم تحترم مبدأ مواجهة الخصومة.
قامت محكمة الاستئناف بإصدار ثلاثة احكام:
- أمر صادر من قاضي الإجراءات التمهيدية في ١٩ مارس ٢٠١٥ بالفصل في الدعوي العارضة المتعلقة بقبول الدعوي والمرفوعة من الشركة الامريكية،
- أمر ثاني صادر من ذات القاضي في ٧ مايو ٢٠١٥ بالفصل في الدعوي العارضة المتعلقة بوقف تنفيذ مؤقت لقرار التحكيم والمرفوعة من الشركة الاماراتية،
- واخيراً حكم بالفصل في طلب إلغاء القرار بتاريخ ١٠ يناير ٢٠١٧.
الأمر القاضي بقبول الدعوى بالإبطال:
وتنص المادة ١٥١٩ من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي: “[…]. يقبل طلب الالغاء فور صدور قرار التحكيم. ولا يعد كذلك إذا لم يتم طلب الالغاء خلال شهر الا خطار. يتم الاخطار عن طريق الابلاغ ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك”.
يعرف الاخطار في القانون الفرنسي على النحو التالي: “فعل إعلام شخص مابواقعة أو فعل أو مشروع قانون يخصه بشكل شخصي. على سبيل المثال، إعلام الشخص المختص بإجراء سواء بالابلاغ أو بالبريد، وما إلى ذلك. [..] “(المرجع: Vocabulaire juridique, presses universitaires de France, 7ème édition)
ولذلك، هناك فترة مبدئية مدتها شهر واحد ويمكن تعديلها بالتعاقد.
وتنص قواعدغرفة التجارة الدولية (ICC)في مادتها ٣٤، على ما يلي: “عند صدور قرار التحكيم يتعين على الأمانة، إخطار الأطراف بالنص الموقع منهيئة التحكيم، بعد تسوية الأطراف او واحد منهم تكاليف التحكيم بالكامل لغرفة التجارة الدولية (ICC)”.
ولكن في التطبيق العملي هذا السؤال المتعلق بالإخطار المنصوص عليه في قواعد غرفة التجارة الدولية (ICC)في نسخة ١ يناير٢٠١٢ يطرح بعض الصعوبات.
قواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية (ICC)المعمول بها حاليا (أحدث إصدار مارس٢٠١٧) تتضمن نفس الأحكام في مادتها ٣٥.
وفي هذه القضية، أخطرت أمانة هيئة التحكيم بالحكم للأطراف عن طريق:
-البريد الدوليDHLبمقر شركةVAالمختار بميامييوم١٢ مايو لسنة٢٠١٤.
-وعن طريق بريد Fedexبمقر شركةAMالمختاربباريس يوم ١٢ مايولسنة٢٠١٤.
وقد طلبت شركة VA، بناء على هذا الإخطار، من المحكمة أن تعلن سقوط حق شركة AM في طلب الالغاء، لانقضاء الموعد القانوني المحدد وهو شهر.
وردا على ذلك، أشارت شركة AMإلى أن المبدأ العام الذي ينطبق فيما يتعلق بالإخطار هو أن الإخطار يكونعن طريق الابلاغ بموجب المادة ١٥١٩من قانون الإجراءات المدنية، وبالتالي الإخطارعن طريق البريد الدولي، في هذه الحالة لا يمكن اعتبار ذلك إخطارا صالحا.
ويستشهد في ذلك بالمادة ٦٥١ من نفس القانون التي تنص على أن “الإخطار الذي يقدمه المحضر هو ابلاغ”.
وكذلك المادة ٦٨٠ التي تنص على ما يلي: “يجب أن يبين اخطارالحكم إلى أحد الطرفين،المهلة المحددة للمعارضة أو الاستئناف أو الطعن بالنقض في حالة ما إذا كان الطعن مسموحا، بالإضافة الي طرق اللجوء لهذا الطعن؛ مشيرا من ناحية أخري الي أن طالب الطعن المسيء استخدامه يعاقب بدفع غرامة مدنيةوتعويض للطرف الآخر”.
ولا يعد الإخطار من قبل DHL وFedexصالحا، الا إذا نص الطرفان، بطريقة واضحة، على تطبيق طريقة أخرى.
رفض القاضي التمهيدي اعتراض شركةVAبعدم القبول؛ وقد أشار في حكمهبتاريخ ١٩ مارس ٢٠١٥: ” ان الاخطار، كما في هذه القضية، إذا لم يكن يذكر شروط ممارسة طرق الطعن فهو غير قابل لسريان المدة.. “.
و بصدور الحكم علي هذا النحو ، فان محكمة الاستئناف الفرنسية رسخت مبدأ التحكيم الدولي في القانون الفرنسي و بذلك فقد ابعدت مبدأ استقلال التحكيم.
وقد يأسف الدوليون لذلك.
تطبيق الاستثناء الذي تنص عليه مادة ١٥١٩ من قانون الاجراءات المدنية و الذي يتيح امكانية اختيارطرق اخطار مختلفة لا يمكن تطبيقه الا في حالة اظهار اتفاق و رغبةالاطراف.
في ذات القرار، أضاف وأوضح القاضي أن هذه الرغبة لا يمكنها أن تنتج فقط من موافقة الاطراف على الأحكام العامة لنظام التحكيم.
أي بمعنى أن الموافقة على أحكام مركز التحكيم لا يمكنها أن تنفي تطبيق الضمانات المنصوص عليها بالمادة ١٥١٩ من قانون الاجراءات المدنية.
وهذا ما افاده الحكم السابق.
إن الاستثناء المنصوص عليه في هذه المادة مرتبط بشرط وجود رغبة صريحة وواضحة في تطبيق هذا الاستثناء أما الرغبة المشكوك فيها لا تكفي.
ومن الحلول يمكن أن تكون إذاً الاخطار من خلال البريد الدولي (…Fedex, DHL, Aramex) برسالة رسمية تحتوي على التطبيقات الاساسية المنصوص عليها بالمادة ٦٨٠ من قانون الإجراءاتالمدنية الفرنسي.
القرار المختص بتعليق التنفيذ الاحتياطي للحكم:
وفد للقاضي التمهيدي طلب تعليق تنفيذ حكم تحكيم من شركةAM.
كانت قد أوضحت الشركة أن الحجز على واحد من أكبر ثلاث حمالاتها يضعها في صعوبة كبيرة كما أن شركة VAلا تقدم الضمانات الكافية في حالة إعادة دفع المبالغ المدفوعة مسبقاً.
تم رفض الطلب لعيب إثبات الصعوبات المالية من جهة الطالبومن ناحية أخرى لغياب خطر الاسترداد على أرض الولايات المتحدة الامريكية.
وسيسعد الدوليون بهذا القرار الذي يستبعد أي كفالة قضائية ( judicatum solvi).
الحكم المختص بطلب الإلغاء:
فيما يخص طلب الإلغاء ذاته، لا يقبل الطلب إلا إذا قام على إحدى الاحكام المحددة بالمادة ١٥٢٠ من ذات القانون.
لتوضيح هذا الطلب بإلغاء قرار التحكيم، الشركةAM، الطالبة، استخدمت انتهاكات الاحكام المنصوص عليها بالمادة ١٥٢٠ من قانون الاجراءات المدنية.
من ناحية أخرى، تفيد شركة AMبأن ثمة تضارب مع النظام الدولي العام نتج عن هيئة التحكيم التيمدت مهل الاجراءات، فان هذا التصرف يتعارض مع المادة ٣٠ من قانون غرفة التجارة الدولية الذي يوضح أن هيئة التحكيم تتقدم بقرار نهائي في مدة بحد أقصى ستة أشهر.
ولكن، محكمة استئناف باريس أوضحت، في حكم ١٠يناير ٢٠١٧، أن هذا الطلب لا يمكن إلا عدم قبوله مؤكدة أنه: “ينبغي على المركز الدولي للتحكيم التابع لغرفة التجارة الدولية، في محتوى اختصاصاته التنظيمية والرقابية على الاجراءات كمؤسسة أن تمد لمصلحة الأطراف الحد الاقصى المطلوب فيه إصدار الحكم.”
بالإضافة إلى أن هناك تأكيد من ناحية القاضي الفرنسي على دور هيئة التحكيم في تنظيم ورقابة الاجراءات.
اما ان الدفع الثاني الذي تقدمه الطالبة، بخصوص المادة ١٥٢٠من قانون الاجراءات المدنية، هو انتهاك مبدأ مواجهة الخصوم. حيث أن هيئة التحكيم قامت برفض بعض الطلبات، من دون دعوة الطالبة لتوضيح وشرح الطلبات مما يمثل عدم الاعتراف بمبدأ مواجهة الخصوم.
أكدت محكمة استئناف باريس، على سيادة هيئة التحكيم على سير الاجراءات.